نام کتاب : تفسير الزمخشري = الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل نویسنده : الزمخشري جلد : 3 صفحه : 30
والمترقبة والحاضرة، اللاطف في أعمال الخير والموفق لها والمجازى عليها، ثم قال الله تعالى- تقريرا لقولهم-: وما كان ربك نسيا لأعمال العاملين غافلا عما يجب أن يثابوا به، وكيف يجوز النسيان والغفلة على ذى ملكوت السماء والأرض وما بينهما؟ ثم قال لرسوله صلى الله عليه وسلم:
فحين عرفته على هذه الصفة، فأقبل على العمل واعبده: يثبك كما أثاب غيرك من المتقين. وقرأ الأعرج رضى الله عنه: وما يتنزل، بالياء على الحكاية عن جبريل عليه السلام والضمير للوحى.
وعن ابن مسعود رضى الله عنه: إلا بقول ربك. يجب أن يكون الخلاف في النسى مثله في البغي.
[سورة مريم (19) : آية 65]
رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (65)
رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بدل من ربك، ويجوز أن يكون خبر مبتدإ محذوف، أى هو رب السموات والأرض فَاعْبُدْهُ كقوله:
وقائلة خولان فانكح فتاتهم «1»
وعلى هذا الوجه يجوز أن يكون وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا من كلام المتقين، وما بعده من كلام رب العزة. فإن قلت: هلا عدى اصْطَبِرْ بعلى التي هي صلته، كقوله تعالى وَاصْطَبِرْ عَلَيْها؟
قلت: لأن العبادة جعلت بمنزلة القرن في قولك للمحارب: اصطبر لقرنك، أى اثبت له فيما يورد عليك من شدائد أريد أن العبادة تورد عليك شدائد ومشاق، فاثبت لها ولا تهن، ولا يضق صدرك عن إلقاء عداتك من أهل الكتاب إليك الأغاليط، وعن احتباس الوحى عليك مدة وشماتة المشركين بك. أى: لم يسم شيء بالله قط، وكانوا يقولون لأصنامهم: آلهة، والعزى إله وأما الذي عوض فيه الألف واللام من الهمزة، فمخصوص به المعبود الحق غير مشارك فيه.
(1) .
وقائلة خولان فانكح فتاتهم ... وأكرومة الحيين خلو كما هيا
شاعره مجهول. أى: ورب قائلة. وخولان بالفتح اسم قبيلة باليمن، وهو مبتدأ خبره ما بعده، والفاء زائدة فيه على رأى الأخفش والفراء، ومنع سيبويه زيادتها هنا، لأن المبتدأ لم يشبه الشرط، فخبره محذوف، أى: خولان كرام فانكح أى تزوج فتاتهم، أو هو خبر لمحذوف، أى: هؤلاء خولان المعروفون بالكرم، فتزوج بفتاتهم.
وبنى «أكرومة» من الكرم للدلالة على كثرة السكرم، كما أن أعجوبة من التعجب للدلالة على كثرته، والجملة حالية، فيحتمل أنها مانعة من نكاح الفتاة، أى قالت لي ذلك، والحال أن أكرومة الحيين أى كريمة حى أبى وحى أمى خلو بالضم: خالية من الأرواح كما كانت، فهي أولى من الفتاة بالزواج لقرابتها منى. ويحتمل أنها داعية إليه، فالمعنى: قالت لي ذلك والحال أن الفتاة التي هي أكرومة الحيين، أى حى أبيها وحى أمها من خولان، على ما هي عليه من البكارة، أو من الخلو من الأزواج لم تتزوج أحدا قبلي، فهي حقيقة بأن أتزوجها لكرم طرفيها، فعلم أن الكاف بمعنى على. ويجوز أن يشبه حالها الآن بحالها فيما مضى، فالكاف على أصلها. ويحتمل أن الواو للعطف، أى: قالت ذلك، وقالت: إنها خالية لم يطمثها أحد قبلك، فهي حقيقة بالزواج لذلك، لكنه بعيد.
نام کتاب : تفسير الزمخشري = الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل نویسنده : الزمخشري جلد : 3 صفحه : 30